حوار مع الكاتبة نسرين موسى .. الكتابة تكليف لم يكلفني به أحد هكذا قال فرانز كافكا كإجابة عن سؤال محير، واجابته ليست سهلة لكننا في الوقت نفسه لا نملك من أمرنا شيئا حتى نتوقف، فهل نوقف الوجع أم نرسم لوحة للمستقبل القريب كما نرجو، هكذا هو حال كاتبتنا العزيزة التي ولدت في أحضان ويلات الحصار والحروب، لكنها تصمد وترسم من خلال قلمها  لتعطي صوتاً لكل امرأة تعيش في تلك الويلات لتكون هي الحكاية، مع كاتبتنا نسرين موسى.

حوار مع الكاتبة نسرين موسى

– في البداية حدثينا عن نفسك؟

الاسم: نسرين سليمان حسن موسى.

الحالة الشخصية: متزوجة من مداد روحي من المهندس الكيميائي إبراهيم الأيوبي، وبالمناسبة هو كاتب أيضا وله العديد من الكتابات في كافة المجالات.

-صحفية وكاتبة من قطاع غزة الذي يعاني ويلات الحصار الإسرائيلي.

السن: يتجاوز أربع حروب وثلاث معارك، وانقسام فلسطيني تجاوز 16 عاما.

س٢/  لقد درست الصحافة والإعلام قبل العمل الروائي…

فهل ترين أن الصحافة قد سلطت الضوء على المرأة ومشاكلها،

أم أن العمل الروائي هو الأقوى تأثيرا؟

صحيح لقدر درست الإعلام 4 سنوات، وكان اتجاهي بالإعلام للجانب الإنساني أكثر من الجوانب الأخرى لأني وجدت الجانب الإنساني يلامس روحي وعاطفتي.

فحينما كنت أرصد في تقاريري الصحفية قصة معاناة احدى الأسر أو الأشخاص، حيث تتنوع معاناتهم من فقر أو مرض أو عنف أجد قلمي يستمد مداده من روحي التي أحست بشعور الشخص الذي أكتب عنه.

وقبل كتابتي عنه أخفي دموعي وتسارع دقات قلبي التي تتأثر به ـ وأتقمص شخصيته ومعاناته وأبدأ الكتابة وكأني أكتب عن نفسي.

وأكثر قصص تقاريري كنت أتناول فيها المرأة.

*المرأة التي تعاني الفقر ومطلوب منها أن تتدبر شؤون منزلها وأطفالها بالقليل الذي يدخله زوجها من عمله.

*كذلك المرأة المطلقة التي تعاني من نظرة المجتمع خاصة أننا مجتمع محافظ وينظر للمرأة المطلقة بقسوة ويمنعها من ممارسة حياتها بحرية طبعا لا أشمل الجميع لكن هناك حالات كثيرة.

*والمرأة التي فاتها قطار الزواج وتعاني من لفظ العنوسة المتخلف.

والمرأة التي تعاني البطالة.

والشق الثاني من السؤال والذي يتعلق بالعمل الروائي.

العمل الروائي لا ينفصل عن العمل الصحفي، إلا بأن لا يسمح بالعمل الصحفي إسقاط رأيي الشخصي في القصص التي أرصدها ولا حتى مشاعري الشخصية التي تنتابني أثناء رصدي للتقرير.

هنا وجدت أن روحي ينقصها شيئا كثيرا كيف أوصل للقارئ المعاناة كاملة إذا لم يصله إحساسي، فالتقرير الصحفي يتسم بالجمود.

هذا دفعني لاتجاه الكتابة لأن أعكس دموعي، إحساسي عاطفتي.

فتوجهت إلى الكتابة وسرعان ما وجدت أني أستطيع ذلك فكتبت القصص القصيرة والخواطر واتجهت إلى عالم الرواية الواسع والذي يحتضن إحساسي.

لذلك إن العمل الروائي أقوى لأنه يعكس للقارئ الإحساس دون جمود ويبحر في النفس أكثر من جمود التقرير الصحفي الموجز.

س٣ كيف بدأت مسيرتك الأدبية؟ 

بدأت مسيرتي الأدبية من أول انتفاضة عشتها حيث كنت أكتب في مدرستي مواضيع التعبير عن حالتنا آنذاك من خوف ورعب حين يقوم الاحتلال الإسرائيلي بمداهمة بيوتنا وخطف أولادنا وأخوتنا وهم نيام في منتصف الليل وخلسة منا.

كنت أكتب عن خوف امي على أخي، وعن إسقاط أمي لحملها بسبب ضرب الجندي الإسرائيلي لها، وكنت أكتب عن منع التجول من الاحتلال الذي يفرضه علينا وكيف كنا نجلب احتياجاتنا المنزلية في ظل خوف ورعب مسلط علينا .

كتبت الكثير وكانت موضوعاتي تنال إعجاب مدرسة اللغة العربية فكان حافزا لي أن أكتب وأكتب ولا أكف عن رصد المعاناة.

ومن ثم انتهت مرحلة دراستي الثانوية فوجدت أن تخصص الإعلام يعكس شخصيتي ويفرغ طاقة حروفي.

فاتجهت للإعلام وبدأت التدريب على الكتابة الصحفية قبل التخرج بسنوات ،تدربت بذاتي، عندها بدأت تجربة الكتابة كتابة المقالات وما شجعني أن أول مقال كتبته نال إعجاب الصحيفة التي كتبته بها وحصلت على فرصة عمل من خلال هذا المقال.

فبدأت الكتابة وتمرست بها يوما بعد يوم.

وقبل الكتابة كان لا بد لي أن أقرأ أكثر فلا يوجد كاتب نجح بدون ثروة القراءة.

توجهت وبحثت عن الكتب والروايات التي تشبع رغبتي وتعكس شخصية نسرين موسى وإحساسها.

اول قراءة قرأتها روايات نجيب محفوظ وجدت بها شخصيتي واحساسي.

نجيب محفوظ وانت تقرأ له تجد نفسك عشت الحالة بالتفصيل .

جعلني نجيب محفوظ وكأني أعيش في مصر من خلال حروف روايته وخاصة رواية أولاد حارتنا وبين القصرين ورواياته العديدة.

وإحسان عبد القدوس كنت حينما أتابع فيلم عربي وأبحث عن مؤلف النص أجده إحسان عبد القدوس فأهرول لقراءتها نصيا.

وكذلك توجهت للأدب العالمي وجذبتني كتابات الأديب الروسي دوستويفسكي لأنه يخاطب الحالة النفسية ويتعمق بها ولا زلت أذكر حروف روايته رسائل من تحت الأرض وأحتفظ بها وأكرر قراءتها.

كذلك رواية البؤساء لفكتور هوجو قرأتها بعمر مبكر.

والروايات التي تعكس الحروب لأنني أعيش في الحرب بين فترة وفترة ووجدتها برواية  الكاتبة الأمريكية مارغريت ميتشل التي كتبت رواية ذهب مع الريح ، وجدتها لامست أوجاعي التي ترسبت من الحروب.

وفي بداية كتابتي بدأت ادون في مدونتي كتاباتي واقتصرت على مدونتي ،وما شجعني صحفية من الحوار المتمدن تفاجأت أنها تابعت مدونتي وأرسلت لعمل لقاء معي ولا زلت احتفظ به إلى الاَن..

س٤ ما هي اخر اعمالك الأدبية؟

اخر عمل روائي لي رواية نصف امرأة ولكن، وتتحدث عن المرأة التي تعاني من مرض السرطان ويهجرها زوجها ويناديها بإمراه ناقصة لأنها استأصلت ثديها ، فأصبح ينفر منها ولا يقترب منها .

إلى جانب قصص قصيرة متعددة تتناول مختلف الموضوعات من حروب وحصار وانقسام وحب .

وأذكر هنا كتابتي بعنوان الحرب لا زالت تأكلني ولا تبرح أجوائي

وأيضا رصدت بكتابتي الأنوثة الضائعة في المدارس حينما نتشرد إليها بسبب الحروب.

س٥ / تهتمين كثيرا من خلال كتاباتك بتسجيل أحوال المرأة الفلسطينية والعربية،

فما هي سبل تحقيق المرأة لذاتها في ظل التقلبات الاقتصادية والاجتماعية؟

للأسف حق المرأة مهضوم في تحقيق ذاتها ولا يقتصر هذا على قطاع غزة بل المجتمعات العربية بالمجمل بسبب الظروف التي تعيشها هذه المجتمعات من تقلبات سياسية تنعكس على الحالة الاقتصادية.

لكن هناك نساء يصارعن للوصول ووصلن بالفعل وحققن نجاحهن اقتصاديا واجتماعيا لكنها حالات استثنائية.

ووضع المرأة بشكل عام نتاج عدم وجود قوانين واضحة لحماية حقوقها ..القانون يميز.

التجربة التونسية يجب ان تكون نموذج من قرار المساواة عام 1956 الى قانون المساواة في المبرات عام 2019

س٦/ ما هو مشروعك الأدبي؟

سأستمر بكتابة القصص بكافة المجالات إن شاء الله ولي رواية قادمة سترى النور قريبا بمشيئة الله.

س7/  ما هي كتبك المفضلة بشكل عام، ومن هي الكاتبة التي أثرت فيك بشكل عميق؟

فلسطينيا: أعشق محمود درويش وغسان كنفاني والشاعرة فدوى طوقان

نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس من حيث التفاصيل

أما الكتاب الذين يعكسون جنوني وأتأثر بهم هم المنتمين للمدرسة السريالية لأنني أعتمد على نهجهم في مخاطبة العقل الباطني.

وكتاب الأدب العالمي بلا استثناء لكنني أندمج أكثر لدوستويفسكي اشعر أنه يخاطبني.

وأكثر كاتبة أثرت بي أَلِفْ شَفَقْ  أشعر ان قلمها يشبه قلمي بكل تواضع أقولها؛ لأنها تتناول المرأة بإحساس عميق واحفظ مقتبساتها عن ظهر قلب كإسمي.

س8/ كيف ترين دور الكاتب والكاتبة وهل يمكن أن يكونوا سبب نهضة في مجتمعاتنا العربية؟

بالطبع دور الكاتب مهم جدا لأنه يعكس ما يدور بمجتمعه ويسلط الضوء على السلبيات فيتم تفاديها وعلى الإيجابيات فيتم تعزيزها، كما يعمل على التنوير الإصلاح بلا أدنى شك.

س9/  حدثينا عن عملك الادبي القادم؟

عملي القادم إن شاء الله رواية تتحدث عما دار بالحروب الإسرائيلية على قطاع غزة عبارة عن مجموعة قصصية.

قريبا سيخرج إلى النور وسيتحدث عن نفسه بإذن الله.

وختاما أقول

تعودت أن أسير الخطوة ولا أتراجع وإن واجهتني الصعوبات أجعلها حافز

أثبت نفسي بقلمي .. طورت نفسي خطوة خطوة

سأستمر .. أحب نفسي كثيرا ولها الأولوية عندي

أحب اسمي .. وضعفي .. وقوتي .. وعاطفتي .. وجنوني

وسأبقى .

الكاتبة /

مارينا سوريال

 

إقرأ أيضًا

حوار مع الكاتب محمد الحلواني

عاشقة “بي تي اس”” في حوار خاص علي موقع أمنيات برس

القارئ والمنشد الديني إبراهيم جادالله في حوار خاص مع الأمنيات

1 Response

Leave a Reply

Skip to toolbar